النقـــــــــــــــــل الديداكتيـــــــــــــــكي

 النقـــــــــــــــــل الديداكتيـــــــــــــــكي:  transposition didactique

حسب D .Arsac ، النقل الديداكتيكي هو" مجموعة من التحولات التي تطرأ على معرفة معينة في مجالها العالم من أجل تحويلها إلى معرفة تعليمية قابلة للتدريس"

بينما يعتبر  Yves Chevallard أن النقل الديداكتيكي :" هو العمل الذي يقوم به عندما نحول معرفة عالمة              savant)   (savoir الى معرفة قابلة للتدريس مع مقاربة ما يحدث للمعرفة العالمة أثناء هذه العملية".

وفق هذين التعريفين، النقل الديداكتيكي  هو عمل انتقالي يتمثل في إعادة تصنيف وتنظيم (إعادة الهيكلة) المعرفة المستقاة من التخصصات العلمية المختلفة (معرفة يتداولها المختصون) بهدف تحويلها الى معرفة تلائم مقتضيات الفعل التعليمي – التعلمي.

استعمل هذا المفهوم لأول مرة في ديداكتيك  الرياضيات مع              Yves Chevallard ، الذي ألف كتابا تحت عنوان ( النقل الديداكتيكي : من المعرفة العالمة الى المعرفة المدرسة transposition didactique du savoir savant au savoir enseigné ,Grenoble , la pensée sauvage.(1991).، ولم يلبث أن تعمم استعماله لاحقا في ديداكتيك المواد الأخرى.

تبرز الدراسات ان تعرض المعرفة العالمة لعملية النقل الديداكتيكي، أي تحويلها الى مادة دراسية، يغير بعمق من طبيعة هذه المعرفة.( تصبح معرفة مغتربة عن أصولها )، وكذا إلى اخراج المعرفة العالمة ( خاصة المتعلقة منها بالعلوم الإنسانية) من الساق السوسيولوجي  والتاريخي الذي أنتجت فيه واخضاعها لشروط المؤسسة المدرسية المتمثلة على الخصوص في ضرورة بث مجموعة من القيم السوسيو ثقافية المطلوبة اجتماعيا، ويحولها بالتالي الى معرفة يغلب عليها الطابع الأيديولوجي.

في هذا الصدد يؤكد J. Verret, في كتابه le temps des études(1975) أن تحويل معرفة ما وجعلها قابلة للتعلم يعرضها ل:

·        التجرد من السياق DéContextualisation du savoir

·        تجاوز الطابع الشخصي للمعرفة  Dépersonnalisation du savoir

·       القابلية للبرمجةProgrammabilité du savoir  

·       الاشهار والترويج Publicité de savoir

أما Yves Chevallard، فيذهب في كتابه  السالف الذكر، الى أن المعرفة أثناء تحويلها من معرفة عالمة قابلة للتدريس، تمر بعدة مسارات.

مسارات المعرفة  خلال عملية النقل الديداكتيكي:

المعرفة العالمة savoir savant : هي المعرفة التي أنتجها الباحثون المختصون، فهي غير قابلة للتدريس وفق شكلها الأصلي، اذ يصعب إدراكها من طرف التلميذ.  لذا تستدعي المقتضيات التعليمية نقلها من إطارها العالم الى اطار ديداكتيكي، إلا أن عملية النقل هاته تؤثر على قيمة هذه المعرفة.

المعرفة المدرسية: المعرفة المراد تدريسها أي تحويل المعرفة العالمة إلى مناهج منتظرة تحدد الغايات والاغراض والاهداف التعليمية، وتعمل البرامج التعليمية والكتب المدرسية ووثائق التوجيهات التربوية والمذكرات الوزارية على الترجمة الإجرائية لمقتضياتها. اذن فحيث أن المعرفة المدرسية معرفة هدفها خدمة مشروع مجتمعي ترسم معالمه السياسة التربوية والتوجيهات الرسمية، مما يبرز عملية الانتقاء التي تخضع لها هذه المعرفة.

المعرفة المدرسة savoir enseigné: وتتمثل فيها يقدمه المدرس لمتعلميه داخل القسم (مش تدخل الأساتذة: اقتراحاتهم، خططهم، ابداعاتهم ...) اعتمادا بطبيعة الحال على المعرفة المدرسية ( المنهاج الدراسي- الكتب المدرسية – التوجيهات التربوية- المذكرات الوزارية- الملتقيات التربوية والتكوينية...).

المعرفة المكتسبة savoir acquis : أي المعرفة التي اكتسبها التلميذ، وهي معرفة لا تعكس بالضرورة ما درسه الأستاذ. حيث أن التلميذ في محاولته على ما يتلقاه، أي يؤول ويعيد تنظيم مكتسباته وفق تصور جديد.

ولكي يشمل النقل الديداكتيكي المواد التي لا تتوفر على مرجعية  في المعرفة العالمة مثل الاعلاميات والتكنولوجية والتربية الفنية والرياضية والتكوين المهني اقترح كل من F .Martinand (1986) و M. A . Joshua(1996) تمديد مفهوم النقل ليشمل المعارف الخبرة ( savoir experts ) و الممارسات المرجعية (pratiques de référence).

شارك هذا المنشور